وكما قلنا في المقال السابق، رجاءً لا تحكم على هذا المقال قبل أن تقرأه كاملا . وأعتذر مسبقا على الإطالة.
عودة لبداية القصة، شهدنا في ذكريات يمير بداية كل شيء بصراع بين شعبي إلديا و مارلي، صراع استغل فيه ملك إلديا قوة العملاق المؤسس الذي اكتسبتها يمير ليقضي على أعدائه من شعب مارلي (فصل122: ص17-19).
وحسب الروايات التاريخية في كتب مارلي، عانى شعب مارلي من بطش إمبراطورية إلديا لحوالي 1900 سنة، حتى نشبت حرب العمالقة الكبرى بتآمر المارليين من داخل إمبراطورية إلديا واستطاعوا السيطرة على 7 من أصل 9 عمالقة وفازوا في الحرب، مجبرين ملك إلديا على الانسحاب لجزيرة باراديس مع شعبه (فصل86: 18-19).
أما في مهرجان ليبيريو، جاء ويلي تايبر ليروي ما حدث في حرب العمالقة الكبرى. بدأ في الفصل 99 بنفس الرواية في كتب مارلي وأضاف أن إمبراطورية إلديا قتلت عددا أكبر بثلاثة أضعاف من سكان العالم الحاليين، وأنها قضت على عدد لا يحصى من الأعراق (ص21). وأكمل أن إمبراطورية إلديا لم يعد لديها أعداء فبدأ الإلديان يقتلون بعضهم بعضا حتى نشبت حرب العمالقة الكبرى بين العائلات المالكة للعمالقة الثمانية (ص22)، إلى أن استغل البطل المارلي هيلوس تلك الفوضى ليضلل الإلديان ليستمروا في قتال بعضهم البعض، ثم اتحد مع عائلة تايبر (حاملة عملاق مطرقة الحرب) ليفرضا على الملك فريتز الانسحاب للجزيرة (ص23).
لكن بعد ذلك، يقول ويلي أن ذلك ما يعرفه كل سكان مارلي، لكن ”الحقيقة“ مختلفة قليلا، ويدعي أن لا هيلوس ولا عائلة تايبر هما من أنهيا الحرب، ولكن الملك الـ145 كارل فريتز هو من فعل ذلك، وذلك لأنه كان يبغض تاريخ إلديا المروع، ويبغض الصراع بين العائلات الإلديانية، وأنه يشفق على شعب مارلي، لذلك اتحد مع عائلة تايبر ليضعا حدا لتاريخ إمبراطورية إلديا، وأنهما من قدما هيلوس كبطل مارلي (ص36).
”لا توجد حقيقة في هذا العالم. هذا هو واقعنا. يمكن لأي أحد أن يصبح إلها أو شيطانا. كل ما يتطلبه الأمر هو ادعاء أحدهم بأن تلك هي الحقيقة.“
– إيرين كروغر (فصل88: ص27)
مقولة كروغر هذه تجعلنا نشكك في كل الادعاءات. فإن لم نشاهد حدوث شيء ما بأعيننا، فكيف سنتأكد بأن تلك هي الحقيقة؟ هذا يجعلنا نشكك في صحة كل ما جاء في كتب مارلي، وفي كل ادعاءات ويلي تايبر، فحتى بتكذيبه للرواية الأولى، ما الذي يؤكد لنا أن روايته الثانية هي ”الحقيقة“؟ أصلا، من ويلي تايبر هذا؟ أو بالأحرى، من هي عائلة تايبر هذه؟
تم الحديث عن عائلة تايبر لأول مرة في الفصل 95. قيل أنها العائلة المالكة لعملاق مطرقة الحرب، أي أنها من رعايا يمير، وأنها أول عائلة تقف في وجه الملك كارل فريتز، فأخذت لقب "مارليون شرفيون،" واتبعت نظام يقتضي عدم التدخل في السياسة والحرب (ص14). أما عن ظهور أفرادها، فقد كان لأول مرة في الفصل 97. بعد حديث بسيط بين ماغاث و ويلي يقول فيه ماغاث أن عائلة تايبر تتحكم في مارلي من الخفاء (ص39)، اعترف ويلي أن دولة مارلي فعلا تحت سلطة عائلة تايبر (ص40). ليؤكد لنا ماغاث في الفصل 98 أن ويلي تايبر هو ”القائد الأعلى“ لدولة مارلي، وأن مارلي هي ”مِلك له“ (ص15). ثم نشهد أن له مكانة مرموقة بين قادة دول العالم، حتى أن سفير إحدى الدول يدعوه بـ”سليل المخلص“ (أو ”حفيد المنقذ“) (ص30-35).
هذا يجعلنا نطرح العديد من الأسئلة: كيف لشخص ليس من شعب مارلي أن يكون قائدا لدولة مارلي؟ والأكثر من ذلك، كيف لشخص من رعايا يمير المبغوضين من طرف مارلي أن يكون هو قائدها الأعلى؟ وأن تكون له مكانة كتلك؟ فحتى المارليون الشرفيون كـ زيك و راينر و البقية الذين أعلنوا ولاءهم التام لمارلي لا يزالون مبغوضين من طرف الكل، عكس عائلة تايبر. هذا مثير للشكوك.
لنعد الآن للبداية مجددا، لكن هذه المرة، فلنصدق فقط ما رأيناه بأعيننا في فلاشباك الذكريات، ولنشكك في صحة كل الروايات الأخرى. إن انتبهنا لأزياء كل من جنود إلديا ومارلي في الفصل 122، سنلاحظ أن الإلديان يرتدون خوذات بها قرون شبيهة بخوذات الفايكينغ (ص2و3و16)، بينما جنود المارليون يرتدون دروع معدنية وقادتهم يرتدون خوذات بها ريش شبيهة بخوذات الرومان (ص17). بعد هجوم إلديا على جيش مارلي بمساعدة عملاق يمير، تم سحق جيش مارلي وإحضار رؤوس بعض القادة المارليين (ص18)، ولاحقا نشهد استسلام وانحناء عشرات من قادة مارلي المعروفين من أزياءهم لملك إلديا، ثم قَتْل كل أولئك القادة بعد تسبب أحدهم بمقتل يمير بالرمح (ص20-22). هذا يعني أن إلديا تغلبت على مارلي في عهد الملك فريتز الأول، وأصبح شعب مارلي تحت حكم إلديا.
إن عدنا لقضية ”التطهير العرقي،“ فسيعني ذلك أن كل المارليين الذين أصبحوا تحت سيطرة إلديا قد تم تحويلهم لرعايا يمير، بما فيها العائلة الملكية المارلية، وأصبحت تعتبر بعد ذلك من إحدى العائلات ”الإلديانية“ كونها أصبحت من رعايا يمير. هذه العائلة الملكية المارلية قد تكون هي عائلة تايبر.
إن أخذنا هذا الافتراض وحاولنا بناء بقية الأحداث عليه اعتمادا على بعض الدلالات في الروايات التاريخية، يمكن أن نذهب في السيناريو التالي:
بما أن كل نسل يمير له دم ملكي إلدياني، فهذا يعني أن ورثة العمالقة الثمانية بعد أحفاد يمير لم يكونوا من نسلها، أي تم توريثها لعائلات إلديانية نبيلة أخرى، ربما لغرض التوسع الاستعماري، بينما تم الاحتفاظ بالمؤسس لدى عائلة فريتز، نسل يمير. وكعائلة ”إلديانية“ نبيلة، وبعد كسب ثقة العائلة الملكية الإلديانية عبر السنين، ورثت عائلة تايبر عملاق مطرقة الحرب، وتم منحها مسؤولية الحكم في إحدى المناطق التي استعمرتها إمبراطورية إلديا.
استطاعت عائلة تايبر بحقدها الدفين على عائلة فريتز أن تضم العائلات التي ورثت إحدى العمالقة والتي أصلها ليس من قبيلة إلديا الأصلية، أي أنها ضحية للتطهير العرقي، إلى صفها ضد الملك كارل فريتز. فهذا ما قد تعنيه الرواية التي تقول أن ”المارليون“ تآمروا من داخل إمبراطورية إلديا واستطاعوا السيطرة على 7 من أصل 9 عمالقة. وذلك ما سبب في حرب العمالقة الكبرى. فبينما نجد نجمة رمز إلديا لديها 9 رؤوس، نجد صَدَفة رمز مارلي الذي يرافق عائلة تايبر في خطاباتها له 7 رؤوس (فصل95:ص17 ؛ فصل99:ص11).
لكن في هذا السيناريو، لا رواية ويلي الأولى ولا الثانية هي ”الحقيقة،“ ولكن في كل منهما بعض من الحقيقة والكثير من الأكاذيب.
إن كانت 7 من أصل 9 عمالقة متحدين، فهذا يعني أن حرب العمالقة الكبرى كانت بين المؤسس وبقية العمالقة الأخرى. لربما العملاق الناقص هنا هو العملاق المهاجم الذي ضاع من بين أيدي كل من إلديا و مارلي. وإن كان صاحب العملاق المؤسس قادرا على التغلب على العمالقة السبعة مجتمعين، فلن يسمح بنشوب الحرب من البداية. فعدم قدرته على السيطرة على الحرب هو دليل على غلبة العمالقة السبعة عليه ان اتحدوا، ومن المرجح أن هذا ما حدث. فكما جاء في رواية ويلي الأولى، غُلب الملك كارل فريتز من طرف العمالقة السبعة بقيادة عائلة تايبر، إلا أن الفرق هنا هو عدم وجود هيلوس مطلقا. فلا يُعقل أن يدخل بشري عادي وسط حرب العمالقة. ربما يكون هيلوس هذا مجرد إشارة لحامل عملاق مطرقة الحرب نفسه، إشارة إلى الروح المارلية في عائلة تايبر.
تم تقديم هذا البشري العادي، الذي لا وجود له في الواقع، على أساس أنه بطل ”مارلي“ اتحد مع عائلة تايبر وقتل العمالقة. وذلك لكي تستعيد عائلة تايبر اسم دولة مارلي الذي محته إلديا من التاريخ، ولتعطي دور البطولة لشخص ليس من رعايا يمير. تم اختيار أرض وشعب جديدن ليكونا مارلي الجديدة، شعب ليس من رعايا يمير، وتوارت عائلة تايبر، العائلة الملكية المارلية، عن الأنظار لتحكم من الخفاء كونها تبغض الدم الذي يجري في عروقها، وتوارثت العملاق المطرقة لكي تحافظ على التاريخ الحقيقي بينما زورت الحقائق في الكتب التاريخية، وفرضت على حاملي العمالقة الآخرين توريث عمالقتهم لعائلات أخرى لكي يضعف وصولهم للذكريات التاريخية.
لكن ويلي تايبر في روايته الثانية، أراد أن يرفع من شأن الملك كارل فريتز ويبرأه، وذلك فقط لكي يدعي أن من زعزع السلام بين باراديس والعالم هو إيرين ييغر الذي سرق المؤسس من عائلة فريتز "البريئة،" ولكي يبرئ دولته من الهجوم الذي شنته على باراديس والتسبب في محاولة هذه الأخيرة الانتقام منهم، وكذا دعوتهم للاتحاد ضد هذا العدو المخيف.
لربما هذا سبب اهتمام إيرين بوراثة العملاق المطرقة، ربما أراد أن يجمع بين كل من ذكريات العائلتين الملكيتين لتكون له الرؤية الشاملة للتاريخ بين إلديا و مارلي.
وطبعا هذا مجرد افتراض مبني على افتراض، لا أجزم بصحته ولا أراه يرقى حتى لصفة "نظرية." كل ما في الأمر أن الفكرة خطرت ببالي وأردت أن أزيحها عنه. شكرا على القراءة ❤️
0 تعليقات