اخر الاخبار

شخصية ‏كيني ‏اكرمان ‏

كيني أكرمان .. من أقل الشخصيات ظهورا في العمل لكنه ترك انطباعا راسخا لدى المشاهد .. و حظي بخط أحداث جميل ..

من عادة إيساما أن يعطيك قطعا متناثرة هنا و هناك في عدة فصول غير واضحة ثم يأتي في فصل واحد و يهبك الخيط الناظم لتلك القطع في عقد واحد .. وغالبا ما يكون عقدا جميلا و متناسقا ..

و هنا سأترك كل القطع و أتجاوزها للحديث عن الخيط الناظم لها و هو الحلقة العاشرة من الموسم الثالث أو الفصل التاسع و الستون فيما يوازيها من فصول .. و الإثنان معنونان ب : " صديق " ..

هناك رأينا كيني .. السفاح الذي يستغل قوته الكبيرة في تنفيذ الإغتيالات و المهمات القذرة .. في مواجهة مع الملك الحقيقي داخل الأسوار و حامل العملاق المؤسس أوري ريس ..

و رأينا شخصية الملك .. رجل يملك قوة جبارة أخضعت رجلا مثل كيني و جعلته عاجزا .. لكنه في نفس الوقت رجل مسالم .. لم يحاول أن يقضي على كيني الذي يشكل خطرا عليه و يعرف سره و أنه هو الملك .. بدلا من ذلك سلك الملك طريقا مختلفا .. لقد تنازل عن هيبته و وقاره و قوته و ركع أمام كيني و اعتذر له .. اعتذر له عن اضطهاد أسلافه لأسلاف كيني ..

و هذه كانت لحظة فارقة في حياة كيني .. ملك بقوة جبارة يركع و يعتذر أمام حشرة كان يستطيع سحقها بسهولة .. لم يستوعب كيني هذا الفعل .. لم يفهمه .. لكنه أثر فيه و سحره و أيقظ شيئا كامنا في داخله ..

لطالما كانت القوة عند كيني مرتبطة بالعن ف .. العن ف لديه هو الوسيلة للنجاة في هذا العالم .. لذا حاول أن تتصور كيف استقبل كيني فعل أوري .. كيني لن يقوم بشيء مماثل إن واجه من هو أضعف منه .. لن يخاطبه سوى بلغة العن ف .. القوة و العن ف هو السبيل للنجاة .. هذه هي فلسفة كيني ..

و هذا ما علمه للصبي ليفاي .. و هذا جانب آخر من شخصية كيني .. فرغم كونه قذرا و حثالة باعترافه إلا أنه ظل يملك جانبا مضيئا في داخله و لو كان صغيرا .. ذلك الجانب هو الذي جعله يأخذ ليفاي و هو كومة صغيرة من العظام على حافة الهلاك و قام بإطعامه و تربيته ثم تعليمه و تأهيله لخوض غمار الحياة المتوحشة بالأسلوب الوحيد الذي يعرفه كيني و يؤمن به .. إنها القوة .. " لكي تنجو عليك أن تكون الأقوى " .. لكي لا ينتهي الأمر بك كأخته كوشيل عليك أن تمتلك القوة ..

و بعد أن أهل ليفاي لمواجهة الحياة تركه .. لأن كيني لا يرى الخير في نفسه .. لقد ربى الصغير و علمه رغم أنه كان بإمكانه تجاهله .. لكنه لم يرى نفسه جديرا أن يكون أبا ..

و الأكرمان عموما أشخاص غريبو الأطوار .. معقدون .. مأساويون .. لكنهم أشخاص جيدون و مخلصون .. حتى من تمادى منهم في الأعمال القذرة ككيني مازال زال يحمل في أعماقه جانبا مضيئا .. و هذا ما جعله يعجب بأوري و بنظرته المثالية للحياة ..

كان كيني و أوري متشابهين و في الوقت نفسه متناقضين تمام التناقض .. متشابهين في امتلاك قوة تفوق محيطهم كثيرا ..

و متناقضين في نظرتهما للحياة و للقوة .. كيني يرى الحياة غابة تستلزم القوة و العن ف للإستمرار فيها .. في حين يرى أوري الحياة جنة أو يجب أن تكون كذلك .. و يجب أن يعم السلام و التسامح و التعاطف بين البشر .. لا يجب استخدام القوة إلا في بناء هذه الجنة ..

يرى أوري أن الذي جمعه مع كيني و جعلهم أصدقاء لم يكن العن ف .. إنما جمعهما التسامح و التعاطف بعد أن كان في طريقين يصطدمان بشكل مدمر ..

هذه الأفكار سحرت كيني و لامست جانبه المضيء و جعلته متعلقا بصاحبها رغم أنها على النقيض مما عمل به طوال حياته .. إنها مثل أحبها في أعماقه لكنه اختار نقيضها في حياته .. و مع ذلك ظل تواقا لها ..

بعدها علم كيني أن قوة أوري تورث ثم رأى تأثيرها على من ورثها ( فريدا ) .. لقد شاهد نفس نظرة أوري لكن في عيني فريدا الآن و سمع منها نفس كلماته ..

و هنا تساءل كيني .. هل يكمن السر في تلك القوة .. هل يرى من يرثها الحياة كما رآها أوري ؟! .. هل يؤمن بنفس الأفكار ؟! .. السلام .. المحبة .. التعاطف .. و هل يمكن لشخص بقذارة كيني و أفعاله أن يرى الأمور من منظور أوري إن ورث القوة ؟! .. هل يمكنها أن تغير حثالة مثله ؟! .. لقد أراد ذلك بشدة .. أن يرى العالم كما رأها صديقه أوري .. لذا أصبح هدف كيني بعدها أن يسرق تلك القوة و يمتلكها ..

كان هدف كيني قبل أن يلتقي أوري هو الحصول على القوة .. و بعد أوري ظل هدفه أن يحصل على القوة .. لكن الغاية إختلفت الآن .. قبل أوري كانت الغاية من القوة استخدامها للإستمرار و النجاة و التفوق في هذا العالم المتوحش ..

و بعد أوري أصبحت الغاية من تحصيل القوة هي محاولة تغيير نظرته للحياة .. أن يصبح مثل يوري مؤمنا بالسلام و المحبة و التعاطف .. أن يرى العالم من منظور صديقه الذي سحره .. و أراد أيضا أن يعيش صديقه في داخله ..

هذه القيم و المثل التي آمن بها أوري في الحقيقة ليست خاصة به .. بل هي أفكار الملك كارل فريتز باني الأسوار .. هو الذي كان كارها للحر ب و الصراعات و قرر التخلي عن مكانته و الهروب للجزيرة لإنشاء جنته الخاصة و رغب في أن يجعلها مكانا سلميا .. و نظرته تلك توارثها أحفاده من خلال العملاق المؤسس فسيطرت عليهم .. لكنها خاصة بأصحاب الدماء الملكية .. لذا لم يكن حصول كيني على المؤسس ليغيره كما فعل مع فريدا مثلا .. وهذا ما علمه كيني بالفعل من خلال حديث رود ريس مع هيستوريا ..

و رغم ذلك يظل من الجميل أن شخصا مثل كيني كان يسعى لأن يصبح شخصا أفضل و أراد أن يؤمن بمثاليات أعجب بها ..

لقد كان مخمورا بهذا الدافع الجميل ليستطيع المضي قدما في الحياة .. و كانت كلماته الأخيرة حكيمة و واقعية بشكل كبير و ظلت مرتبطة بالعمل إلى نهايته .. بل هي مرتبطة بحياتنا أيضا .. فالإنسان فعلا يحتاج أن يملأ نفسه بشيء يجعله يمضي قدما في الحياة و لكن غالبا ما ينتهي الإنسان عبدا لهذا الشيء الذي يدفعه للأمام ..

كلنا لدينا شيء يدفعنا للإستمرار في الحياة و القتال لكن الأمر يختلف من شخص لآخر .. قد يكون هذا الشيء الذي يدفعك إيجابيا و قد يكون شيئا سلبيا ..

من اللمسات الجميلة في الأنمي في هذه الحلقة هي عندما نادى ليفاي على كيني الذي كان مصابا حينها لم يسمع كيني صوت ليفاي و إنما سمع صوت أوري .. فمؤدي صوت أوري هو الذي نادي " كيني " .. وهي لفتة جميلة تبرز تعلق كيني بهذا الرجل و تأثره به حتى آخر لحظات حياته .

إرسال تعليق

0 تعليقات