اللحظات الأخيرة لزيك كانت جميلة .
أعتقد أن ما يمكن أن نأخذه من محادثة آرمين و زيك يمكن تبسيطه إلى مفهوم أحبه و أفكر فيه كثيراً و هذا المفهوم هو أن " الجمال في البساطة " ، يتمتع زيك بعقلية تتمثل بالعدمية النموذجية ، حيث يفكر في أن هذا العالم غير محققٍ وجودياً و لا طائل من ورائه ، و هذا هو السبب في أن الموت هو حريةٌ بالنسبة له .
في هذه الأثناء يشير أرمين إلى لحظات فرحه القصيرة و الصغيرة و التي شعر بها في حياته و هذا ما يجعل الحياة بالنسبة إلى آرمين شيئاً يستحق أن نعيش من أجلها .
أدرك زيك أن ما ينطبق على آرمين انطبق عليه عندما تذكر الأوقات التي لعب بها مع السيد زافير ، حيث أن تلك الأوقات جعلت زيك سعيداً و لذلك في لحظاته الأخيرة قال " يا له من يوم جميل .. لو أدركت ذلك في وقت سابق " .. معرباً عن أسفه لعدم التعايش مع هذه العقلية من قبل .
في الأساس البحث عن هدف أسمى في الحياة سيؤدي حتماً إلى خلق أزمة وجودية في حال فشلك في تحقيق ذلك الهدف ، فلماذا لا نستمتع بالحياة بمجرد قيامنا بالأشياء البسيطة مثل قراءة كتابك المفضل أو مطاردة أصدقائك في نسيم الصيف ! حتى لو بدا ذلك أن لا معنى له في المقياس الكبير الظاهر الذي يستحوذ على هوس العدميين ، لكن لا عيب في العيش والاستمتاع بالحياة من خلال قيامنا بأبسط الأشياء لأن هذا ما يجعلنا أسعد .
كان زيك يكره مفهوم الولادة و التكاثر ، كان يكره الوجود ، كل ما يمكنه فعله هو الغضب و الصراخ ومحاولة إنقاذ الآخرين من الجحيم الذي كان عليه أن يعيشه بطريقته الخاصة ، مقتنعاً تماماً أن الحياة لا تستحق العيش ، بعد كل شيء ، كان موجوداً فقط لأن والديه كانا بحاجة إلى طفلٍ ذو دمٍ ملكي ، ولد ليتم استخدامه كسلاح ، لا معنى متأصلٌ في الحياة ، لا أخلاق ، لا قيمة ، لا شيء منها موجود أو مهم ، فقط ما يوجد الإنجاب و التكاثر و المعاناة .
على الرغم من أن زيك ينظر إلى الحياة من هذا المنظور ، فقد ظل يحب أجزاءً منها ، كان يحب اللعب مع السيد زافير ، هذا هو الشيء الوحيد الذي أحبه ، إنه لا يمانع أن يولد مرة أخرى إذا كان ذلك يعني أنه يمكنه العودة إلى ذلك الوقت ليلعب فقط .
أدرك زيك حقيقة أن الحياة لها قيمتها في وقتٍ متأخر ، ربما كان هذا الإدراك هو سبب شكره لجريشا و دعوته ب "أبي" لأن غريشا كان مسؤولاً عن وجود زيك في هذه الحياة ، فمن خلال وجوده كان قادراً على اللعب مع السيد زافير .
بالنسبة إلى زيك فإن العدمية الوجودية لا يجب أن تكون محبطة لأن لا قيمة متأصلة فيها أو لا معنى لها ، فما دام الشخص متصالحاً مع هذا الأمر فلا مشكلة في ذلك ، فمثلاً إذا كنت مكتئباً فإن الاكتئاب سيستخدم كل ما في وسعه ضدك من أجل تغذية نفسه ، وهو ما كان يفعله زيك .
فسواء كان للحياة أي معنى متأصل فيها أو لا فإن الأمر متروكٌ للأفراد ليقرروا بأنفسهم ، فالحياة جميلة و غامضة و تستحق العيش .
لكن عندما أدرك زيك ذلك أخيراً كان بعد فوات الأوان للأسف .
العالم قاسٍ و جميل ، كان يرى زيك من العالم مفهوم القسوة فقط ، كانت تلك القسوة هي التي دفعته لمحاولة إيقاف تكاثر الإلديانيين ، إنه لا يريد أن يتم استعمال الإلديان كأدوات لذا عليهم أن يختفوا من أجل مصلحتهم ، لكن العالم جميلٌ أيضاً ، و تمثل جمال هذا العالم بالنسبة إلى زيك من خلال لعب كرة البيسبول مع السيد زافير .
0 تعليقات