وللألمِ جميلةٌ يعشقها ويهواها ..
إحدى التفاصيل الغريبة التي ظنناها كقرّاء للمانجا بأنها ستحوّر ويتم تنقيحها كي تتوافق مع التعديلات التي حدثت منذُ بدايةِ الإنمي ..
وشمُ عشيرة المشرقيين الذي رُسمَ على ساعدِ الفتاةِ الصغيرة يومَ مقتلِ والديها فوسمها بالمسؤولية التي خفت عنها سنيناً طوال قبلَ أن تدركَ مكانتها الرتيبة لدى شعبِ الشرقِ الأقصى ..
ما الذي حدثَ بالضبط والسؤالُ الأهم هنا .. كيفَ ولماذا حدث التعديلُ في الإنمي من الأساس ؟
بدايةً ؛ وشمُ عشيرة الهيزور مرسومٌ على ساعدِ ميكاسا منذُ أن بدأتِ الحكاية في المانجا حيثُ قامت والدتها في الفصل الرابع من المانجا بنقلِ هذا التقليدِ الغريب في عائلتها إلى ابنتها ذات الأعوامِ التسعةِ ورسمت الوشمَ على ساعدها منبّهةً إياها أن تنقلَ هذا الوشمَ لأولادها حينما تكبر وألّا تُظهرَ هذا الوشم للغرباء فاعتادت ميكاسا أن تغطيه بضمادة طوال فصولِ الحكاية إلّا أن صدرَ الفصل 107 صيفَ عام 2018 حين تنازلت ميكاسا عن أوامر والدتها وأظهرت الوشم مع قدوم رسولة الهيزور إلى الجزيرة التي انفتحت على العالم ورسمت حدود الصداقةَ وأعادت إحياء التاريخ المنسي من التحالفات ..
ومنذ تلك اللحظة ؛ تساءلَ متابعو المانجا عن كيفية تحوير تلك المعلومة مستقبلاً في الإنمي بعدَ أن قام فريق العمل في استديو WIT بتغيير تلك الجزئية عندما انطلق الإنمي عام 2013 ..
في الإنمي لا يوجد وشم على ساعد ميكاسا أبداً وقام فريق العمل بتعديل المشهد الذي قامت فيه والدةُ ميكاسا برسم الوشمِ على ساعدِ ابنتها إلى مشهدٍ تقوم فيه الأمُّ بتعليم ابنتها أحدَ الأنماط الخاصة التي تستخدمها العائلة في فنِّ الخياطة والتطريز وأنَّ هذا النمط تمَّ تناقله عبرَ الأجيال التي تعاقبت في هذه العائلة ..
لماذا هذا التعديل ؟
أحدُ المعلومات التي تمَّ تناقلها أنَّ مؤلّف المانجا السيد هاجيمي ايساياما طلبَ هذا التعديل بحجّة أنَّ مشهداً تقومُ فيه أمٌّ بتشطيب ساعد ابنتها هو مشهدٌ قاسٍ وغير ملائمٍ أن يظهرَ على شاشةِ التلفاز ..
ولكن ما صحّة هذا الكلام ، وما المنطقُ في أن يعرضَ ايساياما على فريق العمل هذا الطلب إن كان للوشم غرضٌ مهمٌّ في القصّة لاحقاً ؟
إن كنا نريد أن نبحث عن حقيقة الجواب علينا أن نغوص بتفاصيل عملية الإنتاج وهذا ليس الغرضَ من هذا البوست ولكن الحقيقة التي يجب علينا أن نعلمها هي أنَّ فريقَ العملِ غيرُ ملزمٍ بتنفيذ طلبات المانجاكا أو الخضوع لرغباته كما أنّه يحقُّ لهُ تعديلُ ما يشاء دونَ الرجوع إلى المانجاكا أو العمل الأصلي ؛ ويُفترض هنا أنَّ هذا ما حدث إذ أنَّ فريق العمل قام بتعديل المشهد كي يتناسب مع الفئة العمرية التي تشاهد الشاشة الصغيرة دونَ أن يدركَ أن لتلكَ التفصيلة الصغيرة حاجةٌ ذات أهمية قد تؤثّر على مجرى القصّة
وهناك معلومة أعرفها عن المجتمع الياباني ولا أدري إن كانت هي السبب في التحوير الذي مارسه فريق العمل على وشم ميكاسا ولكن ..
ثقافةُ الوشمُ بشكلٍ عام مرفوضة في المجتمع الياباني بسبب ارتباطها بعصابة الإجرام اليابانية الشهيرة ( ياكوزا ) إذ يقوم أفراد العصابة بوشمِ أجسامهم برسومٍ تفرّقهم عن بقية أفراد المجتمع ولذلك يعتبر اليابانيون أنَّ الوشوم بشكلٍ عام هي تصرّفات قد تدلُّ على تمرّد صاحبها على المجتمع أو انحرافه عن العرف والتقاليد .
مع تقدّم الزمن وانفتاح اليابان على الثقافات الأخرى وكنتيجة للعولمة بدأ اليابانيون يتقبّلون ثقافة الوشوم ولكن بشكلٍ عام لا زال الشخص في اليابان يخشى من نظرة المجتمع له إن قام برسمِ الوشوم على جسده ولذلك يفضّل اليابانيون رسم الوشوم في أماكن غير مكشوفة للعامة كظهورهم وصدورهم وأكتافهم وغيرها .
لا أدري إن كان لتلك الثقافة الرافضة للوشوم في المجتمع الياباني دورٌ فيما جرى ولكن قد يكون ..
ولكن الأهمُّ من ذلك ، يشير المنطقُ أنَّه لا يوجد لايساياما دورٌ فيما حدث وأنَّ فريق العمل في استديو WIT قام بالتعديل دون الرجوعِ لايساياما اتباعاً لسياسةِ الحظرِ والحذفِ التي تخضع لها المشاهدُ الحساسة بشكلٍ عام خصيصاً أنَّ العديد من المراهقين يشاهدون هذا الإنمي بغضِّ النظر عن الفئة العمرية الموجّهِ لها .
رأى فريق العمل في استديو Mappa أنَّ لا خيارَ لهم سوى عرض المشهد كما هو في المانجا إذ يبدو أن كتّاب السيناريو لم يلقوا ما يحلُّ بديلاً عنه حتى لو كان ذلك يضرب عرض المنطق في الإنمي ...
كانت فرضيات قرّاء المانجا كالتالي :
▪️إمّا أن يتم حذف المشهد والتعديل كلياً على تلك الجزئية بإشراف ايساياما
▪️أو أنَّ الوشمَ موجود ولكن ليس على ساعد ميكاسا بل على كتفها أو في مكانٍ ما
▪️والفرضة الأضعف ، تتعرف ميكاسا على الرمز من خلال تذكرها لنمط التطريز الذي علمتها إياه والدتها ..
لم يتوقع أحدٌ حرفياً أنَّ المشهد في الموسم الرابع من الإنمي سيبقى كما هو دون تعديل ، ولكن هذا ما حدث
حتى أنَّ استديو Mappa (فات بالحيط ) كما يقال بالعامية ورسم بعض اللقطات لميكاسا دون الوشم أو الضمادة على ساعدها ؛ ولكن لا يمكن لومهم أبداً فالخطأ أساساً يقعُ على عاتق فريق العمل الذي حرّف تلك المعلومة من جذورها
الآن ..
رأيتُ العديد لم يفهموا ما حدثَ بين الهيزور والبارادايس وما دورُ ميكاسا في كلِّ هذا ..
الهيزور أو إمبراطورية الشرقِ الأقصى هي أمّة تضمُّ شعباً ينتمي للعرقِ ذاته وهي تمثّل شرق آسيا واليابان تحديداً في عالمنا الحقيقي .
كان لتلك الإمبراطورية علاقات تاريخية مع إمبراطورية إلديا وقامت بالتحالفِ معها سياسياً وقدّمت لها الخبرات الدبلوماسية والعسكرية في الحروب التي شنّتها إمبراطورية إلديا على بقية الأمم .
قام ابنُ الشوغن الذي عاصرَ فترة حكم الملك كارل فريتز بعقدِ اتفاقية تسمح للأميرِ وعائلته بالبقاء في جزيرة البارادايس
مهلاً .. ما هذا الشوغن أصلاً ؟
الشوغن كلمة يابانية أُطلقت كلقبٍ على الجنرالات العسكريين الذين حكموا اليابان سبعَ قرون منذ عام 1196 حتّى نهاية عصر الشوغن (فترة إيدو ) عام 1868 ميلادي
كان لأولئك الجنرالات مكانة رفيعة حيث يقوم الشوغن بحكمِ البلاد بقبضة الجيش وينظّم أمورها السياسية والاقتصادية ونشبت حرب أهلية بداية القرن الحادي عشر بين العائلات النبيلة في اليابان للحصول على السلطة حتى تمكن عائلة ميناموتو من اعتلاء الحكم وبقيت سلطة الإمبراطور سلطة مركزية رمزية تخضع لإرادة الشوغن .
الشوغن في قصتنا هم العائلة التي حكمت أرضَ الشرقِ تاريخياً وانتقلت إلى جزيرة البارادايس كنوعٍ من الالتصاق السياسي بالقطبِ الأقوى الذي حكم العالمَ عندها .. إلديا
بالمقابل كان المشرقيون يقدّمون خبراتهم في المجالات التي يبرعون فيها كالهندسة إلى الإلديان لدعم الازدها والتقدّم الذي كانت تتمتع به الإمبراطورية العظمى حينها ..
مع حلول الحرب العظمى قامت الهيزور بتقديم الدعم العسكري للملك فريتز ومع خسارته للحرب تراجع فريتز إلى الجزيرة ساحباً جزءاً من شعبه وقرر بناء الجدران وتعديل ذكرياتِ مناصريه باستخدام قدرة المؤسّس ..
كانت عائلةُ الشوغن إحدى العائلات التي لم يستطع الملك فريتز التلاعب بذكرياتها بالإضافة لعائلةِ الآكرمان
رفضَ المشرقيون رفقةَ الآكرمان سياسةَ فريتز في مسح هوية شعبه والتحكمِ بتاريخهم وبناءِ جنّته الخاصة التي تخضع لآيديولوجية رفض العنف
عندها مارس فريتز الاضطهاد بحقِّ العشائرِ التي رفضت فلسفته بعدَ أن دعموه في حكمه وحربه سنيناً طوال وقام بملاحقتهم وقتلهم واحداً تلوَ الآخر إلى أن أصبح وجودهم على وشكِ الفناءِ والانقراض ..
عاشوا فقراً شديداً هاربين من ظلِّ فريتز الذي خيّم عليهم قهراً وتعنيفاً واستمرّت الشرطة العسكرية المركزية بممارسة الاضطهاد حتّى بعدَ وفاةِ كارل فريتز .
لم يشفع لهم أن يحققوا شروطَ فريتز في العفوِ والمصالحة حينَ اشترطَ فريتز أن يمتنع كلٌّ من الآكرمان والمشرقيين نقلَ الحقائقِ التاريخية لأطفالهم كوسيلة لمحوِ آخر الخيوطِ التي تربطُ تاريخَ الجزيرة مع عقولِ من يعيشونَ داخلَ الجدران واستمرّت المجزرةُ بحقِّ القبيلتين ..
لم يبقَ من المشرقيين سوى والدةُ ميكاسا ، التي التقت بوالد ميكاسا على أطراف مقاطعة شيغانشينا ، أكرمانيٌّ شاب ينتمي إلى فرعٍ من الأكرمانيين الذين هجروا المدينة السفلية للعاصمة بحثاً عن بعضِ الكرامةِ في العيش فلم يجدوا سوى بشيغانشينا الفقيرة المنسية في أقليم ماريا مأوىً لهم ..
تزوجا وأنجبا ميكاسا وعاشا مع ابنتهما عزلةً في غابةٍ امتدت تسعَ سنوات بعيداً عن العامة ولم تكن العائلةُ تتصلُ بعلاقاتها سوى مع الطبيب غريشا ييغر الذي اعتاد زيارتهم والاعتناء بهم .
والبقية تعرفونه جميعاً ..
قُتلَ والداها أمام عينيها وخُطفت الفتاة قبلَ أن يقومَ ابنُ الطبيب ييغر بإنقاذها وقامت عائلته بتبنّيها والاعتناء بها ...
بعدَ حوالي ثماني سنوات علمت ميكاسا أنها تعودُ بنسبِ والدتها إلى عائلة الشوغن الضائعة وأنها آخر من تبقى من سلالتهم وأنها الوريثة الشرعية لعرشِ الشرق
رسولةُ الهيزور تريدُ إعادة إحياء العلاقة بين البلدين بعدَ نجاح الثورة وانقلاب موازين القيادة وتقليد الملكة هيستوريا مقاليد الحكم ، من شروط الأزومابيتو أخذُ ميكاسا إلى الهيزور واستغلال موارد الجزيرة وأموالها لصالح أرضِ الشرق ومصلحتها ..
رفض المشرقيون تقديم يدَ العون للجزيرة في رفع قدراتها العلمية والعسكرية وتطويرها بسبب عدم تحقق أيِّ من الشروط وأصبحت الجزيرة حبيسة خيار الحفاظ على قدرة الهدير من خلال توريث العملاق المؤسّس والدم الملكي جيلاً بعدَ جيل ...
0 تعليقات