يصل صديقي بعد طول انتظار. أشغل حاسوبي، أوصله بالقرص الصلب، وأبدأ بنسخ كل جديد أجده مثيرا للاهتمام. بين ملفات المسلسلات، أجد ملفا بعنوان Attack on Titan. أسأل صديقي عنه فيجيبني أنه أنمي جديد يُقال أنه رائع جدا، بينما هو الآخر لم يشاهده بعد. بما أنه يحتوي فقط على 25 حلقة، فلا بأس بإعطاءه فرصة. أقوم بنسخ الأنمي الجديد مع بقية الأفلام ثم أطفئ حاسوبي وأغادر الغرفة مع صديقي.
في اليوم التالي، بعد عودتي من الكلية إلى غرفتي الكئيبة، أستلقي على سريري وأَهُمُّ إلى ونيسي الأوحد – حاسوبي. أتصفح عناوين الأفلام الجديدة، ولا يثيرني أيٌّ منها، فأتذكر الأنمي الجديد الذي أخبرني عنه صديقي يوم أمس. أفتح الحلقة الأولى فإذا به أنمي مدبلج للإنجليزية دون ترجمة. عادةً لا أحب مشاهدة الأنمي إلا باليابانية، لكن هذا هو المتوفر حاليا، لذا قمت بمشاهدته على أي حال.
بداية الحلقة الأولى كانت عادية جدا، بطلٌ يريد تحقيق حلمه، لكن الدقائق الأخيرة منها صدمتني، وجعلتني متسمرا مكاني مع اختلاطٍ في المشاعر، وشَدَّتني لمشاهدة الحلقة التالية، ثم التالية، ثم وجدتُ نفسي شاهدتُ 5 حلقات متتالية، حتى وصلتُ للقطة تضحية بطل القصة إيرين بنفسه وموته في نهاية الحلقة الخامسة. ما هذا؟! أيُعقَل؟ هل يمكن أن يكون البطل هو أرمين أو ميكاسا؟ سأتوقف عن المشاهدة اليوم، وربما أكمل غدا.
في الغد، وبعد الروتين الجامعي المعتاد، أختلي مع ونيسي الأوحد وأعود للأنمي الجديد المثير للاهتمام. أشاهد الحلقة السادسة، ثم السابعة، فيظهر العملاق الغريب الذي يُقاتل العمالقة، ذاك العملاق الذي يُجَسِّد غضب الجنس البشري. ”نعم، إنه هو، هذا إيرين.“ هذا ما قلتُه في نفسي فور ظهوره، وهنا عرفتُ أن القصة سأتخذ منحًى آخر.
في أقل من أسبوع، أجد نفسي أنهيتُ 25 حلقة من الأنمي. كنتُ أعتقد أنني سأحصل على إجاباتٍ على أسئلتي مع انتهاء هذه الحلقات، لكني أجد نفسي فقط بأسئلة أكثر.
تَمُرُّ الشهور، ويَصدُفُ أن يُفتَحَ موضوع الأنمي في أحد جلساتي مع زملاء الدراسة في مقصف الكلية. وفي نقاشنا عن الأنميات المفضلة، يذكر أحد الزملاء إسم Attack on Titan، وأجد نفسي من بين الثلاثة في المجموعة الذين شاهدوه. بينما نحن نراجع أحداثه، أنطق إسم إيرين بالطريقة التي يُنطَق بها في الدبلجة الإنجليزية، فأضع نفسي محلَّ سخرية من الصديقَين اللذان شاهداه باليابانية، فأعرف منهما أن الأداء الصوتي الإنجليزي هو قمامة بالمقارنة مع الياباني. هذا ما يدفعني لإعادة مشاهدته بالصوت الياباني والترجمة العربية.
تمر سنة، فَسنتان، وليس هناك أيُّ موسمٍ ثانٍ، فما كان على أحد الصديقَينِ السابق ذِكرهما إلا قراءة المانغا. بعد قراءته للمانغا، يصبح ذاك الصديق يحدثني كلما يلتقيني على أن ما شاهدتُه في الموسم الأول هو نقطة فقط في بحر القصة المحبوكة المليئة بالإثارة والرمزيات والحوارات العميقة والأحداث الصادمة، ليختم في كل مرة بنصيحة قراءة المانغا.
ليس علي إلا الأخذ بالنصيحة، فالموسم الثاني لا أثر له بعد، وشبح الحرق يحوم حولي أكثر كل يوم ألتقي فيه بالصديق. ينتهي العام الدراسي وأعود لمنزل أسرتي. وفي أحد أيام فصل الصيف، أقوم بتحميل أحد تطبيقات المانغا وأحمل كل فصول تلك المانغا الصادرة حينها، لأبدأ أول تجربة لي مع المانغا، ولأدخل العالمَ الذي لا خروج لي منه في الخمس سنوات المقبلة، أو ربما مطلقًا، العالم الذي سَيُعَرِّفُني لاحقًا علىٰ أصدقاءٍ من مختلف أنحاء العالم، العالم الذي أصبح جزءًا من عالمي، عالم هجوم العمالقة.
0 تعليقات